محللون: اعتراف سوريا الفعلي باستقلال لبنان يتطلب خطوات ملموسة
راى محللون ان التبادل الديبلوماسي بين لبنان وسوريا الذي بدأ رسميا
الاربعاء يبقى مجرد خطوة رمزية اذا لم تله خطوات ملموسة تبرهن بوضوح ان
دمشق تعترف باستقلال لبنان وقال رئيس المركز اللبناني للدراسات اسامة صفا
"لا اتوقع ان يؤدي وجود مبنى يرتفع عليه العلم السوري الى حل كل القضايا
(...) هذه الخطوة يجب ان تتبعها خطوات ملموسة تدل على تغيير في السلوك".
واعلن رسميا من دمشق بدء العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان اعتبارا
من الاربعاء 15 تشرين الاول/اكتوبر، وذلك للمرة الاولى منذ استقلال
البلدين قبل اكثر من ستين عاما.
ومارست سوريا وصاية على لبنان لنحو ثلاثة عقود ثم اضطرت الى سحب قواتها
منه في نيسان/ابريل عام 2005 بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الاسبق
رفيق الحريري.
وقد تدهورت العلاقات بين البلدين مع اتهام الاكثرية النيابية التي يساندها
الغرب وغالبية الدول العربية دمشق بالضلوع في عمليات اغتيال شخصيات مناهضة
لها وبانها تعمل على زعزعة الاستقرار السياسي في لبنان، وهو ما تنفيه دمشق.
واوضح صفا لوكالة فرانس برس ان مصير العلاقات بين لبنان وسوريا سيتحدد في ضوء الطريقة التي ستتبعها سوريا في الاشهر المقبلة.
وقال "اذا لم يواصلوا تعزيز قواتهم على الحدود لتوجيه الرسائل ... قد نرى
تغييرا حقيقيا في سلوك السوريين" مشيرا بذلك الى تعزيز سوريا قواتها على
الحدود مع شمال لبنان.
وتخوفت الاكثرية النيابية من ان يكون هدف سوريا بهذا السيطرة مجددا على
لبنان بداعي ان هذه المنطقة مركز للمتطرفين الاصوليين كما اعلن الاسد في
اواخر ايلول/سبتمبر.
وراى محللون اخرون بان التبادل الديبلوماسي هو مجرد ستارة ومحاولة من دمشق لتهدئة الدول الغربية.
ويعتبر هؤلاء ان وجود حلفاء لسوريا في حكومة الوحدة الوطنية، وعلى راسهم
حزب الله، يتمتعون بالثلث المعطل الذي يتحكم في القرارات المصيرية قد شجع
دمشق على انجاز هذه الخطوة.
وقال رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت هلال خشان
"قد تغير سوريا تكتيكها تجاه لبنان لكنها لن تغير استراتيجيتها" معتبرا
"ان سوريا تسعى لفك عزلتها الاقليمية وعليها بالتالي اتخاذ خطوات تدل على
ارادتها الطيبة".
واضاف "لا اعتقد ان النظام السوري قد غير نظرته الى لبنان، فهو ما زال يعتبر لبنان جزءا من سوريا".
من ناحيتها اعتبرت رئيسة قسم العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف فاديا
كيوان ان بدء التبادل الديبلوماسي رسميا يشكل محطة رئيسية تعكس بدء حقبة
جديدة من العلاقات الثنائية.
وقالت كيوان "اعتقد ان السورييون فهموا انهم اذا استطاعوا ابتلاع لبنان
فانهم لن يتمكنوا من هضمه كما فهموا بان لبنان سبب لهم اوجاع راس كثيرة".
واضافت "هناك تغيير فعلي في العلاقات السورية-اللبنانية. هناك تطبيع
حقيقي". وقالت "ليس بامكان الدولتين مواصلة المواجهات. عليهما ان يتوصلا
الى حد ادنى من التوافق".
ورات بان سوريا لن تسعى الى السيطرة على لبنان طالما انه لا يشكل تهديدا لها.
وقالت "هم مع تطبيع العلاقات شرط ان يشعروا بالارتياح للحاكمين وانهم غير عدائيين تجاه سوريا".
من ناحيتها رات صحيفة "النهار" اللبنانية المقربة من الاكثرية ان التبادل
الديبلوماسي الرسمي خطوة "تعكس رغبة سورية في استجابة مطلب اساسي من
المطالب التي كانت واشنطن والاتحاد الاوروبي يلحان على سوريا لتنفيذها قبل
اعادة النظر في سياسة العزلة التي تبنيانها حيالها منذ اغتيال الحريري".
وكتبت صحيفة"السفير" اللبنانية المقربة من الاقلية النيابية وفي مقدمها
حزب الله "بهذه الخطوة وفى الجانب السوري بالتزاماته الدولية والعربية في
هذا الموضوع الحيوي وهو الامر الذي اظهرته ردود الفعل المرحبة من واشنطن
الى باريس مرورا بلندن وجامعة الدول العربية".
يذكر ان حل قضية التبادل الديبلوماسي التي تتمسك بها الاكثرية والتي نصت
عليها قرارات دولية ليست الملف الوحيد العالق بين لبنان وسوريا، فهناك
ملفات لترسيم الحدود وكشف مصير المفقودين ومراجعة الاتفاقات السابقة، وهي
امور عهدت بها القمة الى لجان مختصة.
أ. ف. ب.